حبَّ الذات والأنانية منشأ مفاسد العالم‌

ID: 84024 | Date: 2025/09/06


إننا نتصوّر أنَّ القرآن الكريم في قصة آدم- التي يجب القول بأنها قصة رمزية ولكنها تعليمية بشكل كبير- وجّه إلينا أوامر بحيث لو عمل بها البشر لشكلت حلًا لجميع المشكلات، لقد قال الله للملائكة- قبل أن يخلق آدم- سأقوم بهذا العمل- فالملائكة ينظرون ناحيتهم التقدسية من جهة وينظرون ناحية فساد أدم من جهة أخرى فيقولون: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك؟ فينظرون إلى أنفسهم بمنظار التقدّس، وينظرون إلى آدم بمنظار الفساد، فيرون في أنفسهم الناحية الإيجابية وفي آدم الناحية السلبية فيقول الله لهم:» إنّي أعلم ما لا تعلمون « [سورةالأعراف، الآية 17]، أنتم لا ترون إلّا أنفسكم فأنتم أنانيّون، ولا ترون الكمالات في آدم. وبعد ذلك يُكمل القصّة بأنَّ الله علّم آدم «الأسماء» التي هي في حقيقتها» أسماء الله «، وكل شئ هو أسماء الله (ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم تعلمون) فلما رأوا أنهم عاجزون تراجعوا، وبعد خلقه آدم أمرهم بالسجود» فسجد الملائكة كلّهم أجمعون إلّا إبليس لم يكن من الساجدين «والسبب في عدم سجود إبليس هو الأنانية حيث يقول:» خلقتني من نار وخلقته من طين «، إنه أدنى مني وأنا أرفع منه. في هذا أيضاً الوجهة الأنانية ولهذا السبب لم يسجد. لذلك طرد، ثم هدد الله بعد أن طلب الإمهال فقال:» أنظرني إلى يوم يبعثون «وبعد أن منح الفرصة واطمأن نراه ينذر الله بالقسم بعزّته إذ قال:فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم^ ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين‌ [سورة الأعراف، الآية 12].



من هنا نفهم أن قضية الأنانية إرث الشيطان، إذ كانت هذه القضية منذ بدء العالم حين وسوس لآدم وأغواه بأنهم يريدون حبسك هنا فلو قبلت مشورتي ونصحي لكان لك أكثر من هذا. ومن الجهة الأخرى نجد آدم يقبل بذلك. إن هذا تعليم عام باق لحد الآن حيث يجب أن يكون لنا عبرة. اعلموا أن الأنانية وحب الذات إرث شيطاني، وكل المفاسد التي تحصل في العالم سواءكانت مفاسد أفراد أو مفاسد حكومات أو مفاسد مجتمعات ناتجةعن هذا الإرث الشيطاني، وكل المفاسد التي تحصل في العالم تنشأ من مرض الأنانية سواء كان الشخص جالساً في زاوية بيته ومشغولًا بالعبادة وأعجب بذاته، أو كان داخل المجتمع وعلى اتصال مباشر بالناس وظهر منه الفساد فذلك من أنانيته، وحتى الحكومات‌منذ أول حكومةظهرت في الدنيا وإلى اليوم فان كل فساد ظهر فيها كان من هذه الخصيصة.


صحيفة الامام الخميني العربية، ج١٩،ص١٢٣-١٢٤


-----------


القسم العربي ، الشؤون الدولية.