في بيان أن العلم يغاير الايمان

ID: 83199 | Date: 2025/06/06


اعلم ان الايمان غير العلم بالله ووحدانيته والسائر الصفات الكمالية الثبوتية والجلالية السلبية والعلم بالملائكة والرسل والكتب ويوم القيامة وما اكثر من يكون له هذا العلم ولكنه ليس بمؤمن. فالشيطان عالم بجميع هذا المراتب بقدر المنى وعلمكم ولكنه كافر،بل ان الايمان عمل قلبي،وما لم يكن ذلك فليس هناك ايمان،فعلى الشخص الذي علم بشيء عن طريق الدليل العقلي او ضروريات الاديان،ان يسلم لذلك قلبة ايضا،وان يؤدي العمل القلبي الذي هو نحو من التسليم والخضوع،ونوع من التقبل والاستسلام-عليه ان يؤدي ذلك-لكي يصبح مؤمناً.


وكمال الايمان هو الاطمئنان،فاذا قوي نور الايمان تبعه حصول الاطمئنان في القالب،وجميع هذا الامور هي غير العلم. فمن الممكن ان يدرك العاقل بالدليل شيئا لكن القلب لم يسلم بعد فيكون العلم بلا فائدة مثلا انتم ادركتم بعقولكم ان الميت لا يستطيع ان يضر احدا وان جميع الاموات في العالم ليس لهم حس ولا حركة بقدر الذبابة،وان جميع القوى الجسمانية والنفسانية قد فارقتة،ولكن و لان القالب لم يتقبل هذا الامر ولم يسلم الامره للعقل،فانكم لا تغدرون على ان تبيتوا ليلا مظلمة واحدة مع ميت!!


واما اذا سلم القالب امره للعقل،وتقبل هذا الحكم منه فلن يكون في هذا العمل-اي المبيت مع الميت-اي اشكال بالنسبة اليكم كما انه وبعد عدة مرات من الاقدام يصبح القلب مسلماً،فلان يبغوا عنده بعده بائس او خوف من الميت.


اذاً؛ اصبح معلوما عن التسليم وهو من حظ القلب غير العلم وهو من حظ العقل.


من الممكن ان يبرهن انسان بالدليل العقلي،على وجود الخالق تعالى والتوحيد والمعاذ وباقي العقائد الحقّة،ولكن هذا العقائد لا تسمى ايمانا ولا تجعل الانسان مؤمنا،وانما هو من جملة الكفار او المنافقين او المشركين. فاليوم ابصار قلوبكم مغشّاة،والبصيرة الملكوتية غير موجودة،والعين الملكية لا تدرك ولكن عندك كشف السرائر وظهور السلطة الالهية الحقة وخراب طبيعة وانجلاء الحقيقة سيعرف ويرتفت بان الكثيرين لم يكونوا مؤمنين بالله حقا وان حكم العاقل لم يكن مرتبطا بالايمان فما لم تكتب عبارة لا اله الا الله بقلم العاقل على لوح القلب الصافي لن يكون الانسان مؤمنا بوحدانية الله.


وعندما ترد هذا العبارة النورانية الالهية على القلب،تصبح سلطه القلب لذات الحق تعالى فلا يعرف الانسان بعدها شخصا اخر مؤثرا في مملكة الحق ولا يتوقع من شخص اخر جاها ولا جلالا ولا يبحث عن المنزلة والشهرة عند الاخرين.


ولا يصبح القلب مرائيا ولا مخادعا حينئذ. واذا رايتهم رياء في قلوبكم فاعلموا عن قلوبكم لم تسلم للعقل،وان الايمان لم يخفف نوره فيها وانكم تعدون شخصا اخر الها ومؤثرا في هذا العالم لا الحق تعالى وانكم في زمرة المنافقين او المشركين او الكفار.


 


القسم العربي، الشؤون الدولية، كتاب الاربعون حديثا، تعريب السيد محمد الغروي،صفحات 57 و 58.